في تجربة فريدة من نوعها قام البروفيسور " والتر ميشيل " بإجرائها في نهاية الستينيات من القرن الماضي بجامعة "ستنافورد" بالولايات المتحدة الأمريكية، على طفلة تدعى " كارولين فيسز" ذات الأعوام الأربعة، حيث أحضرت الطفلة المذكورة وأودعت في حجرة في حضانة "بينغ" التابعة لجامعة ستنافور، ووضعت أمامها في طبق قطع من حلوى " المارشيملو " الجلاتينية ذات الون والطعم والرائحة الجذابة والمنعشة جدا، والتي من الطبيعي ألا يقوم جاذبيتها كل من يراها أو يشتم رائحتها ولاسيما الأطفال، وطلب السيد والتر ميشيل من الطفلة كارولين أن تختار ما بين أمرين، أن تأكل من الحلوى مباشرة، ولا تنال غيرها، أو أن تصبر على أكلها لمدة 15 دقيقة على أن تحظى بقطعة أخرى مكافأة على انتظارها، واختارت الطفلة الانتظار، وتتبع السيد والتر ميشيل نتائج التجربة على الطفلة كارولين لمدة عام كامل، وقد لاحظ مضاعفة قدرتها على التحمل وأن بواعث قوة الشكيمة والعزيمة قد ظهرت جلية في سلوكيات كثيرة في المنزل والحضانة واللعب مع أصدقائها.
وهذا ما دعا البروفيسور المسئول عن تلك التجربة إلى تعميمها على عدد أكبر من الأطفال ومضاعفة مدة المراقبة لسلوكياتهم، فبدأ في العام 1970م باختيار عينة من الأطفال بلغت 600 طفل تتراوح أعمارهم ما بين 4 إلى 6 سنوات، واتبعت مع الأطفال نفس ترتيبات التجربة السابقة حيث وضعت أمامهم في طبق على الطاولة قطعة من المارشيملو، وخيروا بين خيارين :
الأول : أن يلتهموا قطعة الماشيملو فورا.
الثاني : أن يبدوا رغبة في الانتظار 15 دقيقة قبل أن يأكلوا قطعة المارشيلو على أن يحظوا بقطعة مارشيلوا ثانية كمكافأة لهم.
ولوحظ أن معظم الأطفال اختاروا الإنتظار ليحظوا بقطعة مارشيلو أخرى، والقليل منهم فقط التهموا قطعة المارشيملو بمجرد اختفاء المراقب، وأن الثلث فقط من بين الأطفال الذي أبدوا رغبة في الانتظار
هم فعلا من انتظروا حتى نهاية الـ 15 دقيقة، بما يعادل 34.3% من أفراد العينة، وأن الثلثين منهم لم يملك السيطرة على نوازعه ورغباته والتهم قطعة المارشيملو بعد مرور دقائق قليلة من الفترة المحددة بما يعادل 66.7% من العينة المختارة.
وقد استمر السيد والتر ميشيل المشرف على تلك التجربة الفريدة في مراقبة الأطفال عينة التجربة لمدة 12 عاما كاملة، وقد لاحظ الآتي:
1- أن الأطفال الذين التهموا قطعة المارشيملوا على الفور، أو الذين لم يظهروا جلدا وصبرا وعزيمة، ووقعوا في فخ رغباتهم سريعا، كانوا عرضة للكثير من المشكلات في مستقبلهم كإدمان المخدرات، والكحوليات، كما وقع بعضهم في جرائم يعاقب عليها القانون.
2- بينما الذين أبدوا رغبة في الانتظار، وظلوا متماسكين ومتحملين ومجابهين لرغباتهم حتى نهاية الفترة المحددة، ونالوا تعزيزا بقطعة مارشيلو أخرى، قد بدوا أكثر نجاحا في حياتهم وكانوا في طليعة أصحاب الإنجازات المهمة في حياتهم، بينما بعضهم قد تقلد المناصب العليا، وتبوأ مواقع قيادية في مجتمهم.
والتجربة درس مهم جدا لكل من يريد النجاح في حياته، عليه أن يضحي بالكثير من المنافع الآنية والوقتية، وأن يبدي سيطرة على نزواته الجامحة، تطلعا لمستقبل أفضل يُكونون فيه أكثر قدرة على إدارة شئون حياتهم.
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق